ابتدع الأدب العربي نصوصا مُشَكِلة لأنماط الرحلة الخيالية، من رسائل ومنامات متخيلة وأحلام مصطنعة، ومنها ندرك قمة النبوغ الفكري العربي من القدم. أما متن الدراسة، هما: التوابع والزوابع والمنام الكبير، إذ تمكن صاحبيهما من اقتحام عالم العجائب العقلية والعلمية، باعتبارهما نموذجان للعجيب في الكتابة الأدبية، فقد سعى البحث إلى معرفة جماليات التشكيل السردي العجائبي فيهما، وكيفية تأسيسه.ud هكذا، يُفضي الحديث عن متن الدراسة إلى الحديث عن الخطة المتبعة في انجاز الدراسة، والتي فرضتها طبيعة الموضوع، فجاء الهيكل البحثي على النحو الآتي:ud- مقدمـة.ud- ومدخـل: نحاول فيه تحديد مصطلح العجائبية، ومفهومه مستضيئين بالتصورات التي بلورها المشتغلون بالعجائبية في الثقافة الغربية، كما تبينا تسمياتها محاولة للتّمييز بين مختلف الاجتهادات والتصورات.ud- باب أول: نتناول فيه العجائبية وتشكلها السردي في التوابع والزوابع، نقسمه إلى فصول ثلاثة: عجائبية الشخصيات، عجائبية الأزمنة، عجائبية الأمكنة.ud- باب ثاني: نخصصه لدراسة العجائبية في المنام الكبير للوهراني، وفيه: قمنا بالتطبيق نفسه الذي قمنا به في الباب الأول في دراسة الفصول، حيث كانت الفصول حول عجائبية الشخصيات والأزمنة والأمكنة.ud- باب ثالث: خضنا فيه دراسة موازنة بين العملين، وقسمنا الموازنة إلى فصلين:موازنة من حيث المضمون،وموازنة من حيث البناء.ud- خاتمة.ud هكذا، أسفر البحث إلى جملة من الاستنتاجات والتي يصعب تعميمها على كل النصوص الأدبية العجائبية، حيث تبقى نتائج البحث رهينة بالمتن المدروس، وربما بنوع من التلقي. وبهذا المعنى، يمكن إيجاز النتائج المتوصل إليها في هذا البحث المتواضع:ud- خلصـنا لاختيـار مصطلـح العجائبيـة مقابلا عربيـا للمصطلـح الفرنـسيLEFANTASTIQUE معززين هذا الاختيار بجملة من الاعتبارات، من بينها أن العجائبية أكثر تعبيرا عن اللاواقع دون غيرها من المصطلحات التي يحويها ضمن صنفه: كالغريب والفوق طبيعي والفانتاستيكي.ud- تضعنا التوابع والزوابع العجائبية أمام شخوص فجائية الظهور، وسريعة الاختفاء، وهذا مالا نتقبله نحن الشخوص الطبيعيين؛ لأننا نقف فجأة أمام أمور لا تقبل التفسير. لهذا تكون الشخوص مرتبطة في حضورها وحركتها وصفاتها بما هو فوق الطبيعي.ud- كان المزج بين عالم الواقع وعالم الخيال آثارا لا تخفى على بناء زمن السرد في التوابع والزوابع، فقد راوح ابن شُهيد بين الزمن الطبيعي وزمن النص المتخيل.ud- في الرسالة توزعت الأمكنة الواقعية المؤسسة بالوهم، فعند بحثنا عن سمات هذه الأماكن، من خلال حركة تنقل الراوي، وجدناها في مفتتح المدخل، حيث يلتقي تابعا يرغب في صحبته؛ إنه زهير بن نمير، مقترحا عليه رحلة خيالية تأخذه إلى عوالم عجيبة، إعلانا منه بأن الرسالة لن تستقر على مألوفية المكان واستقراره.ud- إن تنوع الشخصيات في المنام الكبير، هو قرين ذات الوهراني، الذي سعى لخلق شخوص من منابع مختلفة، حقيقية أو تخييلية من جهة، وإنسانية وملائكية وطبيعية من جهة أخرى.ud- الزمن الذي اختاره المنام زمن مبتكر يتعلق بعالم الغيب ومحاولة ارتياده وإطلاق الحرية للخيال وللعلاقات بين الأزمنة والأمكنة.ud- العالم الذي اختاره الوهراني لتنمو فيه الحكاية، كان عالم الدار الآخرة، وهو عالم لم يكن تصويره عصيا على الوهراني، بل استطاع خياله أن يشكله كما شاء، عالم مملوء بالتصوير الديني، ممتد في تأويلات الشخوص الحاضرين.ud- تعد المدونتان أنموذجين من نماذج الأدب الكنائي، وهو أدب يسعى لنقد الواقع، تاريخيا واجتماعيا و...، عن طريق بنية حكائية رمزية تهرب من المباشرة، كي لا يصطدم الأديب بواقعه.- يستثمر النصان الظواهر الفنية التي تمتلكها اللغة؛ لأن ذلك يؤهلها بتجاوز تصوير الواقع، إلى تخيل واقع آخر، وبالتالي، فهذا الخلق المتخيل يدخلنا في عوالم الحياة الجديدة "العجائبية".
展开▼
